النّصّ السّردي

Publié le par 6boudhawi.over-blog.com

السّرد

ـ السّرد هو الطّريقة الّتي يختارها الرّاوي أو الكاتب ليقدّم بها أو يصوّر الظروف التّفصيلية لأحداث وأزمات قصّة أو حكاية أو رواية تتّسم بالتّرابط والتّتابع والتّعاقب وفقا لترتيب معيّن وزمن معيّن ومكان أو أمكنة معيّنة. ومن هنا نستخلص أنّ السّرد لقصّة معيّنة يمكن أن يختلف من سارد لآخر، ونجد

ـ1ـ السّرد التّقليدي (السّرد الخطّي)ـ

وهو سرد يتّبع فيه السّارد التّسلسل الزّمني الخطّي والتّتابع المنطقي لوقوع الأحداث ويرد حسب الرّسم التّالي

ـ البداية (وضع الانطلاق)ـ

ـ الوسط (سياق التّحوّل)ـ

ـ النّهاية (وضع الختام)ـ

ـ البداية=> تدلّ أحداثها على الاستقرار والهدوء، وتقدّم فيها الشّخصيات والزّمن ومكان انطلاق الأحداث والآراء، كما يقع فيها التّمهيد للوسط ـ

ـ الوسط=> يبدأ بالحدث المحوّل، وهو الحدث الطّارئ الّذي يحدث تحوّلا في حالة الهدوء الّتي عرفتها البداية، ومن ثمّ تتواتر الأحداث وتتعاقب لتصل إلى حدّ التّأزّم (العقدة)، وهي المشكلة الّتي ستواجهها الشّخصيّة الرّئيسية أو مجموعة من الشّخصيات، وتتفاعل معها محدثة صراع فكريّ ونفسانيّ وماديّ وبذلك نصل إلى النّتيجة (الحلّ) الّتي لا تكون دائما سعيدة، ولا يقع فيها دائما الوصول إلى حلّ للمشكلةـ

و تبرز في الوسط عوامل مساعدة أو معرقلة للأحداث نجد منها الشّخصيات والزّمان والمكان الّذي لا يمكن فصله عن الزّمان، لأنّ الحديث عن أحدهما يستدعي الحديث عن الآخر، وهو الفضاء الّذي وقعت فيه الأحداث، ويذكر في بعض الأحيان انطلاقا من البداية، وقد نجد مكانا واحدا أو أكثر، وقد يكون مفتوحا (الطّبيعة.....) أو مغلقا (المنزل...) ليساهم إمّا في عرقلة الشّخصيّة الرّئيسية وتأزّم الأحداث، وإمّا في مساعدتها للوصول إلى حلّ ـ

ـ النّهاية=> وهي إمّا العودة إلى حالة الاستقرار، وإمّا البقاء في حالة اللاّ استقرار وبذلك تكون مفتوحة على أحداث أخرى، كما تستخلص في النّهاية العبرة من كلّ ما حصل


ـ                                          ـ الإنتاج

ـ أخذت محفظتي في صبيحة هذا اليوم، واتّجهت نحو المدرسة، وأنا أمنّي نفسي بلقاء أعزّ أصدقائي، لأمضي معه أحلى الأوقات في طلب العلم، والنّهل منه

ـ وصلت، فرأيت ثلّة من أصدقائي مجتمعين وسط السّاحة، فاقتربت منهم مبتسما، وألقيت التحيّة، وسألتهم عن صديقي نذير، ولكنّهم قابلوني بجفاء، ولم يعيروني أيّ اهتمام، بل لم يردّ أيّ منهم حتّى التّحية، ممّا جعلني أندهش، وأشعر بالمرارة والذّلّ. تحاملت وابتعدت شاعرا بالمهانة، مشتّة الأفكار، لا أعرف ما أفعل. بسرعة فكّرت وحاولت معرفة سبب ما حصل، إلى أن أخبرني أحد الأصدقاء أنّ صديقي نذير قد أخبر الجميع بكلام قيل أنّه صدر عنّي في حقّهم. لم أصدّق...ولم أصدّق أنّه فعل ذلك...ولم أصدّق حتّى سمعت نفس الإفادة من كلّ الأصدقاء. شعرت بأسف كبير، وتملّكتني شياطين الغضب، فسرت لذلك قشعريرة، اهتزّ لها كامل جسمي، وهاجت نفسي، ودون تفكير، بحثت عنه في كلّ مكان، حتّى وجدته، فعاتبته، ووبخته، وقرّرت أن أقطع علاقتي به نهائيا، رغم ما أبداه من تأسّف والتماس للعذر

ـ بعد انتهاء الحصّة الصّباحية، عدت إلى المنزل، وقد قرّرت أن ألجم لساني، وألتزم الصّمت، وأعيد التّفكير في صداقاتي، إذ أنّ الصّداقة رابط متين: يربط بين النّاس، مبدؤه الثّقة والوفاء، ومصدره صدق المشاعر، والإخلاص في المودّة

ـ2ـ المفارقة السّردية (السّرد غير الخطّي)ـ

ـ إذا كان السّرد في السّرد التّقليدي (السّرد الخطّي) هو عبارة عن تسلسل زمني خطّي وتتابع منطقي للأحداث حسب الواقع، فإنّ السّرد في المفارقة السّردية (السّرد غير الخطّي) هو عبارة عن التّحكّم في الزّمن من خلال التّداخل والاسترجاع والاستذكار والاستباق، حيث تتداخل الأزمنة والأمكنة. وهو زمن يصنعه الرّاوي مخالفا به الزّمن الطّبيعي للأحداث فيطير بكلّ سهولة إلى المستقبل (الاستباق) أو يعود إلى الماضي (الاسترجاع ـ الاستذكار). فيبدع ويضيف للنّصّ جمالية ولمسة فنيّة مشوِّقة تدلّ على وعي الرّاوي وتفاعله بما يسردـ

ـ                                      ـ الإنتاج

ـ بعد انتهاء الحصّة الدّراسية الصّباحية، عدت إلى المنزل، وقد قرّرت أن ألجم لساني، وألتزم الصّمت، وأعيد التّفكير في صداقاتي، إذ أنّ الصّداقة رابط متين، يربط بين النّاس، مبدؤه الثّقة والوفاء، ومصدره صدق المشاعر، والإخلاص في المودّة. اتّخذت هذا القرار

في صبيحة هذا اليوم بعد أن أخذت محفظتي ، واتّجهت نحو المدرسة، وأنا أمنّي نفسي بلقاء أعزّ أصدقائي، لأمضي معه أحلى الأوقات في طلب العلم، والنّهل منه

ـ وصلت، فرأيت ثلّة من أصدقائي مجتمعين وسط السّاحة، فاقتربت منهم مبتسما، وألقيت التّحيّة، وسألتهم عن صديقي نذير، ولكنّهم قابلوني بجفاء، ولم يعيروني أيّ اهتمام، بل لم يردّ أيّ منهم حتّى التّحية، ممّا جعلني أندهش، وأشعر بالمرارة والذّلّ. تحاملت وابتعدت شاعرا بالمهانة، مشتّة الأفكار، لا أعرف ما أفعل. بسرعة فكّرت وحاولت معرفة سبب ما حصل، إلى أن أخبرني أحد الأصدقاء أنّ صديقي نذير قد أخبر الجميع بكلام قيل أنّه صدر عنّي في حقّهم. لم أصدّق...ولم أصدّق أنّه فعل ذلك...ولم أصدّق حتّى سمعت نفس الإفادة من كلّ الأصدقاء. شعرت بأسف كبير، وتملّكتني شياطين الغضب، فسرت لذلك قشعريرة، اهتزّ لها كامل جسمي، وهاجت نفسي، فصديقي نذير، هو أعزّ أصدقائي، كنّا لا نفترق إلاّ في اللّيل،ونعود ليجمعنا النّهار، فيجمع معنا المرح واللّهو، وننسى الأحزان والأتراح. نتعاون عند الشّدّة، ويساعد الواحد منّا الآخر عند الحاجة، فكم مرّة ساعدته، وكم مرّة أعنته على تعدّي الأزمات، وكم مرّة صالحته مع بقية الأصدقاء.  ودون تفكير، بحثت عنه في كلّ مكان، حتّى وجدته، فعاتبته، ووبخته، وقرّرت أن أقطع علاقتي به نهائيا، رغم ما أبداه من تأسّف والتماس للعذر

 

Publié dans السادسة

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article
و
Hhhhشكرا على وفاإكم
Répondre